بيان إدانة صادر عن الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي
بيان إدانة صادر عن الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي
1 تموز / يوليو 2025 | بقلق عميق وغضب مشروع، تتابع الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي – التي تضم 77 منظمة من 13 دولة عربية – توقيع صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) مذكرة تفاهم مع بعثة الاحتلال الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، في وقت لا تزال فيه آلة الحرب الإسرائيلية تفتك بالنساء والأطفال، وتحيل قطاع غزة إلى مقبرة جماعية مفتوحة.
إن توقيع هذه الاتفاقية في خضم حرب إبادة جماعية تُرتكب على مرأى ومسمع العالم، يمثل تجاوزًا خطيرًا للخطوط الإنسانية الحمراء، وتواطؤًا مؤسسيًا لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة "تعاون تقني أو صحي". إنها طعنة في خاصرة نساء غزة، واستخفافٌ بدموع الأمهات، وبأرحام تنزف على ركام البيوت.
كيف لصندوق يُفترض أن يكون حاميًا للحقوق الإنجابية، ومدافعًا عن كرامة النساء، أن يُبرم اتفاقًا مع سلطة تحاصر الأرحام، وتقصف المستشفيات، وتترك النساء يلدن دون مخدر أو مأوى، في خيام أو شوارع أو ملاجئ؟!
لقد وثّقت مؤسساتنا، من قلب المشهد في غزة، ممارسات ترتقي إلى مستوى الإبادة الإنجابية، منها:
القتل الممنهج للأجنّة داخل أرحام أمهاتهم جراء غياب الرعاية.
حرمان أكثر من 50 ألف امرأة حامل من الوصول الآمن إلى مراكز الولادة.
استهداف أقسام التوليد والحضانات بشكل مباشر.
ولادات ميدانية تحت القصف، دون أدنى مقومات السلامة أو الكرامة.
هذه ليست أرقامًا جافة. هذه قصص فقد وولادات مفجوعة، وأمهات دفنّ أبناءهن قبل أن يُطلقوا أول صرخة.
والأدهى من ذلك، أن هذه الاتفاقية لا تُهدد فقط مصداقية صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين، بل تُسيء لسمعته في كامل المنطقة العربية، وتفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات أخلاقية جوهرية:
أي حياد هذا الذي يُكافئ المحتل؟
وأي شرعية بقيت لمؤسسة تُعقد اتفاقياتها بينما النساء تُذبح على أسِرّة الولادة؟
إننا في الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي نرفض هذا المسار التخاذلي، ونؤكد أن حقوق النساء لا تُساوم، ودماء الفقيرات والمهمشات ليست مادة للعلاقات العامة. إن التوقيع مع قوة احتلال عنصرية، تنتهك القانون الدولي والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، هو اصطفاف غير معلن إلى جانب الجلاد.
وعليه، نطالب بـ:
الإلغاء الفوري لمذكرة التفاهم مع دولة الاحتلال.
فتح تحقيق شفاف ومستقل داخل صندوق الأمم المتحدة للسكان حول ملابسات توقيع الاتفاق.
تقديم اعتذار رسمي للنساء والفتيات الفلسطينيات وللمجتمع النسوي العربي.
إعادة تقييم استراتيجية الصندوق في الأرض الفلسطينية المحتلة، بالتعاون مع مؤسسات نسوية وطنية فلسطينية فاعلة وذات مصداقية.
ضمان عدم تكرار هذه الخطوة، وصياغة سياسات واضحة ترفض التطبيع مع سلطات احتلال تنتهك حقوق الإنسان.
نرفض أن تُمسح دماء النساء من على جدران الممرات الطبية في غزة، باتفاقات تُوقّع في أبراج نيويورك.
ونرفض أن يكون صمت العالم سكينًا إضافيًا على رقاب الأمهات.
نكتب هذا البيان لا من موقع الغضب فقط، بل من إرث نسوي عربي لا يعرف الانحناء، ومن التزام راسخ بأن العدالة تبدأ من رفض الكيل بمكيالين، وأن الإنسانية لا تُجزّأ.
صوت النساء في غزة هو صوتنا. وجراحهن مرآتنا. وكرامتهن لا تُساوَم.
العدالة لن تتحقق بالصمت. ولا الحياد في زمن الإبادة يُعتبر فضيلة.
الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي
